رواية غوى بعصيانه قلبي (كاملة جميع الفصول) بقلم نهال مصطفي
وتجهل الحب الذي لم يلفح قلبها طوال الربع قرن الذي عاشته لا ترى الحب إلا بين السطور وما تعرفه عنه أنه مجرد حروف وكلمات تتجمع لتبث نبضة جديدة بالحياة في قلبك أما الحب الذي تفيض به الأعين ما هو إلا خرافة ابتدعها الرجال لاقتناص فرائسهم .
فارقت رسيل مقعدها الخشبي ولم يفارقه شعرها الطويل الذي يشبه أوتار العود حيث تعثر بمسمار إثر طوله الذي يغطي ظهرها بأكمله تألمت قليلا ثم عادت لتخلصه من أسره متأففة .. وهنا فتح أخيها رشيد الباب بدون استئذان وهو يستعجلها
ما لبثت أن حررت شعرها فعلقت بمشكلة أكبر وقالت برفض قاطع
مستحيل بابا يطلب كدا .. الموج عالي والبحر ميعرفش عزيز !
لم يجادلها ولكنه اكتفى بإبلاغ الأمر فقط
هو أدرى طالما قال هننزل يبقي محدش له الحق يعارض .. يلا مفيش وقت .
ارتفعت نبرة صوتها معارضة بشدة
الفصل الأول
رسائل لن تصل ل صاحبها
1
يقول جلال الدين الرومي
أن كل نفس ذائقة المۏت إلا أن الحياة لا تتذوقها كل الأنفس .
ويجيبه قلبي معترفا ومعترضا
بأن نفسي قد ذاقت الحياة والحب والأمل .. وآيضا المۏت كل هذا تذوقته في هواك !
نهال_مصطفى
شبكة الأقدار
على متن سفينة متوسطة الحجم تنتمي لصاحبها المعلم قنديل المصري نزعت رسيل بدلة الغطس خاصتها وأرتدت فستانا بألوان مبهجة يغطي ركبتيها ثم حررت شعرها الطويل الذي يعكس ظلمة الليل على ظهرها كظلمة أيامها وتلك المرة الوحيدة التي تتحاشى وضع أي مشبك به ربما أرادت ألا تقيد شيئا واحدا بحياتها .. حتى أقدامها كانت حرة من أي قيود تلتمس صقيع سطح السفينة ف يعانق صقيع قلبها ف ينشأ بها شخص متجمد المشاعر مثلها .
بسببك سأظل وحيدة عمري كله !
وضعت كفها على قلبها وهي تعتصر عيونها بشلال من الدموع لو تسرب للبحر لأدى إلى إحداث فضيان وسحبت إلى أيام جمعت شملهم وعالم آخر فرقهم للأبد .. عالم حلمت فيه بأدق التفاصيل ولكنها نهضت على كابوس الغياب رجل علمها كيف تتحول النيران لسلام في حضرته ومنذ رحيله وهي تخوض حروبا لا تنتهي .. أخرجت تأوها ممزوجا بصوت البحر وأفصحت بحړقة
ووقفت دموعها حائرة على عتبة التساءل فمن كان منا المخطىء يا ترى ! إمراة منحت فرصة لرجل أم رجل أحمق لم يستغلها ! من ذا الذي أغواك بالهجر عني !بربك أخبرني ربما أعلم أن المقابل مغري فألتمس لك ألف عذر!
بعلت صبار واقعها ورددت
أخشى أن أقضى نصف عمري أحبك والنصف الأخر أحاول فيه أن أنساك !
بمجرد ما ختمت حيرتها أجابها البحر عندما التج بموجة شديدة الارتفاع تقاذفت تحت أقدامها كأنه أراد أن يوقظها من غفلتها أو غار عليها من التفكير ب رجل غيره ! ما لبثت أن تأوهت معاتبة على قسۏة البحر أيضا فأردفت بحماس
قاسم !
فاقت من دوامة الحلم على رصاصة الواقع عندما وجدت فريد يجلس بجوارها ويسألها بغيرة واضحة
قاسم مين !
عبثت بأناملها في شعرها كعلامة واضحة ع الارتباك وقالت
أبدا بطل روايتي الجديدة بس !
وقف وأصدر إيماءة تصديق وأخذ يحوم كدبور حولها وسألها
رسيل .. أنت مقتنعة بجو الروايات والكلام الهابط ده !
تذوقت نبرة السخرية والاستخفاف بسؤاله وأردفت بفلسفة لم يدركها صغر عقله المقيد بمربط الواقع العقيم
من يلوم البحر ف عشق الصدف !
رأت معالم الجهل بوجهه فأسرعت موضحة له بنبرة شفقة على سطحيته
الكتابة والحروف غرقانين جوانا زي ما الصدف غرقان في البحر كدا بتجري في دمي .
ثم وثبت قائمة لتقف أمامه وترفع رأسها قليلا لتتطلع بعيونه واتبعت بقوة
آكيد مش بتكرهه جزء جواك ومش بتحبه بس الحقيقة انك متقدرش تعيش من غيره .
بعفويتها مارست التمرد والقوة أمامه وختمت حديثها بجملتها الأخيرة وهي تطالع البحر
لأننا ملناش غير بعض !
وأنا ماليش غيرگ يا رسيل !
تلقت أول صڤعة تعمدت تجاهل حقيقتها لفترة طويلة ثم تابعها بصڤعة أقوى وهو يخبرها
أنا طلبت إيدك من عمي قنديل وهو وافق .
ثم قدم لها لؤلؤة نادرة احتفظ بها لأجلها وقال
دي شبكتك .
أيقظ بداخلها وطنا تبغضه وتبغض طريقها إليه وكل الطرق التي تأتي بظل رجل لبوابة حياتها لم تنجح ملامح وجهها في إخفاء سخطها ورفضها القاطع لمعشر الرجال بل تفصد الڠضب من عيونها وهى تسأله
أنت ازاي تفاتح بابا في حاجة زي دي من غير ما تأخد رأيي أنا الأول !
أجابها بعنجهية مفرطة وهو يدافع عن كبريائه كرجل شرقي
و أنت هتلاقي فين أحسن مني يا رسيل !
ضړبت كف على الأخر تعجبا من حماقته الزائدة وقالت
فريد أفهمني أحنا مش متشابهين في أي حاجة أنا وأنت مننفعش لبعض !
أجابها بعاطفة ملتاعة
بس أنا بحبك هو حبي ليكي
مش كفاية !
تطالعه بعيون ذاهلتين متعجبة من أمر رجل خلق وظن أن حبه لفتاة تنازل وتطوع عملاق منه دارت رحى التحدي بينهم وما أنها تفكر كيف تقنع رجل سفيه مثله بالابتعاد عن طريقها فصړخت كمن يهوى بجهنم إثر هبوب عواصف البحر وعواصف قلبها في آن واحد وأنقلب الأمر كله رأسا على عقب وأخذت سفينتهم تتمايل في جميع الاتجاهات ركض فريد ورشيد إلى مركز التحكم وشرع بقية الرجال في محاولة السيطرة على السفينة .
تشبثت رسيل بالسور الحديدي للسفينة تحت صوت صړخة أبيها وهو يجمع عوامات الإنقاذ
خلى بالك يا رسيل !
ما استطاع أن ينهى جملته ف أختل اتزانه وقڈف في البحر فريسة لسكانه اندلعت من جوفها صړخة اهتز لها البحر أكثر وأكثر وهي تحاول أن تزحف إلى العوامات لتنقذ أبيها استجمعت قواتها كي تقف ف قڈفها الريح لزاوية السفينة وكأن حرب قوية دارت بينها وبين الطقس التي ظنت يوما ما أنهم تصالحا .
تأوهت صاړخة من ألم قدمها ولكن فتاة مثلها لم يعجزها حتى الألم اتخذت من حواف السفينة مسندا لها وهي تبحث بعينيها عن أبيها الذي التقمه البحر وك أن الابن عاد إلى حضڼ أبيه ترمد الخۏف في جمر الفقد مرة آخرى وهي تبحث وتنادي صاړخة على أبيها وما لبثت أن تصلب طولها لثوان معدودة فسقط فوق رأسها شراع السفينة ففقدت وعيها في الحال ولحقت أبيها ك سمكة عادت للبحر فأعاد لها البحر الحياة !
تلك أول مرة يحمل فيها قلبي معطف الخۏف ولم يكن أي خوف بل
الخۏف من